الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009

الأزمة المالية وتأثيرها علي الاقتصاد المصري

الأزمة المالية وتأثيرها علي الاقتصاد المصري

وصف الاقتصادي الأمريكي تريفور ويليامز المحلل المالي والاقتصادي بمؤسسة لويدز أن ما حدث بأمريكا هو انفجار الفقاعة‏,‏ وأضاف أنه لا أحد يعرف من الاقتصاديين بشكل حقيقي كيف تنتهي ومتي.. تنتهي؟

ولا أحد ينكر أن هذا السقوط المخيف للاقتصاد الأمريكي سوف يؤدي إلي عواقب وخيمة في الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأمريكي نفسه‏,‏ ولكن ما يعنينا هو تأثير هذه المتغيرات العالمية الجديدة للاقتصاد الرأسمالي علي اقتصادنا المصري المحدود والمتطلع ويمكن الإشارة إلي هذه التأثيرات المتوقعة في عدة نقاط علي النحو التالي‏:‏

أولا تأثير الميزان التجاري المصري المتوقع بشكل مباشر من جراء نقص التبادل التجاري المتوقع مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا خاصة في مجال تصدير الملابس الجاهزة والتي نصدر نسبة‏60%‏ منها إلي أمريكا و‏35%‏ إلي أوروبا‏,‏ وكذلك الفواكه والخضراوات المصرية والمنتجات الغذائية والتي ستتأثر بنسبة‏12%‏ هذا العام حسب تصريحات المجلس التصديري المصري‏.‏

أما إيرادات قناة السويس فمن المتوقع أن تنخفض بنسب تتراوح بين‏15%‏ و‏20%‏ لتقلص حركة التجارة العالمية بين الولايات المتحدة وأوروبا ودول جنوب شرق آسيا تأثرا بالكارثة المالية وكانت البورصة المالية المصرية قد شهدت تراجعا‏,‏ وهو ما حدث بالفعل حيث فقدت أسهم العديد من الشركات أكثر من‏75%‏ من قيمتها في السقوط المروع للبورصة المصرية بعد اجازة عيد الفطر المبارك مباشرة‏,‏ وبلغت قيمة الخسائر الدفترية نحو‏315‏ مليار جنيه لأسهم الشركات المضاربة في البورصة كما أن هناك‏12‏ شركة مصرية لها شهادات إيداع دولية في البورصات العالمية تأثرت تأثرا بالغا من سقوط البورصات العالمية ـ كما أن استثمارات الأفراد المصريين بمحافظ الأوراق المالية بالخارج قد تأثرت تأثرا مباشرا‏,‏ وتقدر قيمة الأموال المصرية للأفراد في البورصات الدولية بنحو‏960‏ مليون دولار‏.‏

القطاع المصرفي المصري الذي يودع أرصدة بالخارج تصل إلي نحو‏123‏ مليار جنيه كما أنه من المتوقع أن يتأثر

في يونيو‏.2008 واستثمارات البنوك المصرية في الأوراق المالية الأجنبية بلغت أكثر من‏15‏ مليار‏

وبالنسبة للموازنة العامة للدولة فمن المتوقع أن تواجه تراجعا للاستثمارات الأجنبية في مصر والتي تسهم بشكل مباشر في إنشاء مشروعات جديدة وزيادة النشاط الاقتصادي وتشغيل العمالة المصرية وتحصيل الضرائب والتأمينات والرسوم العامة‏,‏ هذا بخلاف حجم الخسائر في حركة التجارة الخارجية تصديرا واستيرادا بنحو‏6‏ مليارات دولار مقارنة بالعام الماضي‏,‏ منها‏4‏ مليارات دولار صادرات و‏2‏ مليار دولار واردات ذلك مقارنة بالعام الماضي‏2008/2007(‏ تصريح لوزير التنمية الاقتصادية‏)‏ وإن كان انخفاض أسعار البترول والحبوب الغذائية والزيوت والمعادن والحديد والنحاس والألمونيوم بنحو‏35%‏ سيكون في صالح مصر وتخفيف الضغوط علي مبالغ الدعم بشرط القضاء علي الاحتكارات المعروفة للجميع في صناعات الحديد والأسمنت والأسمدة ومواد البناء مما يخفف ويقلل عجز الموازنة‏.‏

أما سوق العقار المصري فقد شهدت تباطؤا في الفترة القادمة لزيادة المعروض عن المطلوب خاصة في الإسكان الفاخر وتأثر حركة التمويل العقاري بالأزمة ـ وإن كان في أضيق الحدود ـ وكذلك لتخوف المشترين المتوقعين مما يحدث في الاقتصاد العالمي وتأثيره علي الاقتصاد المصري المحلي خاصة في أزمة العقارات ومن المتوقع أن تنخفض الأسعار في حدود‏15%‏ إلي‏20%.‏

إن كل هذه النتائج المتوقعة للسقوط العظيم للاقتصاد الأمريكي والعالمي والكساد المتوقع في جوانب كثيرة من تداعيات حياتنا اليومية يدفعنا إلي ضرورة إعلان حالة الانتباه والطواريء المصرية‏,‏ حيث سيشهد الاقتصاد المصري تأثرا حقيقيا مع مرور الوقت كما قال الرئيس مبارك في أثناء زيارته الأخيرة لفرنسا‏.‏

ولا مفر من أن نبحث عن شركاء جدد لدفع اقتصادنا بعيدا عن المشاركة الأمريكية والأوروبية‏..‏ وفتح أسواق جديدة لمنتجاتنا في إفريقيا وآسيا واستراليا وأمريكا الجنوبية ودعم الصادرات المصرية وتشجيع الحكومة لتلعب دورها المنتظر في مثل هذه الحالات والمواقف الصعبة مثل تنشيط الصناعات الكبيرة وتحفيز الطلب المحلي والدخول كلاعب مؤثر في الصناعة والتجارة الداخلية والخارجية والسياحة الدولية وزيادة الانفاق العام الحكومي علي مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الكبري حتي تسهم في دوران واستثمار الأموال العامة وأموال البنوك وتخفيف حدة البطالة المتوقعة وعدم ترك قوي السوق الرأسمالية للعب والمضاربة بلا مراقبة حقيقية تضمن استقرار السوق وأمنها حتي لا نقع نحن أيضا في فخ السقوط الملعون الذي سقط فيه الكبار من قبلنا‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق